"قالَ" سليمان لخاصته "نَكِّرُوا لَها عَرْشَها" أي افعلوا به شيئا تنكره من تغيير وتبديل فيه، فوضعوا الدر الأحمر مكان الأصفر، وجعلوا ما في مقدمه في مؤخره وبالعكس، وما بأعلاه أسفله وبالعكس، وعرضوا ما فعلوه به على سليمان، فأعجبه، وقال نعرضه عليها "نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي" لمعرفته فنستدل بذلك على هدايتها "أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ" ٤١ لمعرفته ولا للجواب اللائق بذلك "فَلَمَّا جاءَتْ" وتمثلت بين يدي سليمان واستقر بها المكان أطلعها المرافقون لها من قوم سليمان بأمره على المتاحف ومن جملتها عرشها، إذ وضع بالمتحف "قِيلَ" لها من قبل المرافقين "أَ هكَذا عَرْشُكِ" الذي تركتيه في بلادك الذي أخبرنا عنه الهدهد ؟ ولم يقولوا أهذا عرشك ؟ لئلا يكون تلقينا لها فيفوت الأمر المقصود من تنكيره، فنظرت إليه وتأملته جيّدا ثم "قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ" لم تقل نعم هو، خوفا من الكذب لأنها تركته محصنا بالأقفال محروسا من عظائم الرجال، وتقدمته بالمجيء ولم تقل لا، خوفا من التكذيب، لأنها عرفته هو هو، وان ما أوقع فيه من التغيير لم يبدل هيئته بالجملة، وكان سليمان قريبا من المرافقين لها يسمع كلامها، فاستدل به على كمال عقلها وحكمتها ورجاحتها وتؤدتها من جوابها الحسن، وعدم إظهار ابتهاجها بما رأت، فقال لها سليمان عليه السّلام انه هو بعينه، وان إغلاق الأبواب عليه، وإحاطته بالحرس لم يحولوا دون قدرة اللّه بجلبه معجزة لي، وطلبا لإسلامك للّه