يستفاد من هذه الآية جواز النظر إلى المخطوبة بوسيلة ما، لا أن تعرض نفسها على الخاطب أو يعرضها وليها عليه كالسلعة عند البيع والشراء، ويتركها تعاشره، أو تسافر معه أو يختلي بها مثل بعض أهل الكتاب مما يخالف أهل المروءة والشهامة الحكم الشرعي جواز النظر إلى المخطوبة لوجهها لمعرفة محاسنها وليديها لمعرفة صحتها فقط، ولا يجوز ان ينظر لغير ذلك، ويحرم ان يختلي بها البتة، أو يخالطها في سفر أو حضر، لأن الشريعة الإسلامية جعلت هذا كله محظورا وان أمر الرسول برؤية المخطوبة لا يفهم منه ما يقوله بعض الجهلة بأمر الدين الذين لا يعرفون ماهية الغيرة الإسلامية والأنفة العربية من المعاشرة معها والسير معها إلى النزهة وغيرها، كلا بل المراد أن يترصد الخاطب الجازم للخطبة، لرؤية من يريد خطبتها من كوة أو مرور أو استطلاع حتى يكون على بصيرة منها، فإن أعجبته عقد عليها برغبة كاملة والا انسحب بمعروف دون أن يتكلم بشيء ما عنها، وان سليمان عليه السّلام إذا صح أنه كان مصمما على زواجه بها وقد قيل له فيها ما فيها، جاز له أن يختبرها بذلك تأديا واحتراما، لأن الأنبياء لم يخاطبوا أقوامهم الا بما يدل على مراعاة الأدب الكامل، ولا يقابلون أحدا بما يكره، أنظر مخاطبة ابراهيم عليه السّلام لأبيه في الآية ٤٢ فما بعدها من سورة مريم ومخاطبة موسى لفرعون في الآية ٤٣ فما بعدها من سورة طه المارتين، وكذلك مخاطبة نوح وهود وصالح وشعيب أقوامهم في سورة هود الآية ٢٥ فما بعدها في ج ٢ وفي غيرها من السور


الصفحة التالية
Icon