"وَما أَنْتَ" يا حبيبي "بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ" ولا بمرشد من أعماه اللّه عن طريق الحق، وأعمى قلبه عن قبول الإيمان "إِنْ تُسْمِعُ" أي ما تسمع إسماعا يجدي السامع نفعا "إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا" فهذا الصنف يمكنك أن تسمعه دعوتك لأنه ينتفع بها "فَهُمْ مُسْلِمُونَ" ٨١ لك منقادون لامرك، مخلصون في اتباعك، واللّه يعلم من يؤمن ممن لا يؤمن، فلا تذهب نفسك حسرات على من لا يقبل نصحك ولا يسمع أمرك.
مطلب خروج دابة الأرض ومحلها وعملها ووجوب الاعتقاد بها :
قال تعالى "وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ" أي عصاة أهل الأرض بأن أغضبوا اللّه الحليم بإصرارهم على ما هم عليه، ووجبت عليهم الحجة، واستحقوا العقاب
المقدر عليهم، وظهر لأهل زمانهم الأياس من إيمانهم ولم يبق لهم أمل فيهم ولا رجاء بإصلاحهم "أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ" قبل قيام الساعة، وهي آية على انتهاء الأمر، وإغلاق باب التوبة، وستعطى هذه الدابة قوة "تُكَلِّمُهُمْ" بلسان فصيح يفهمه كلهم، فتسم المؤمن بإيمانه والكافر بكفره، وتقول ما قال اللّه تعالى تبكيتا وتقريعا إليهم، "أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ" ٨٢ بوقوعها ولا يصدقون بمجيء الساعة والبعث بعد الموت والحساب والجزاء.
روي عن عبد اللّه ابن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول إنّ أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيّتها كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا.
وعن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :
تخرج الدابة ومعها خاتم سليمان وعصا موسى فتجلو وجه المؤمن، وتخطم أنف الكافر بالخاتم، حتى إن أهل الحق ليجتمعون فيقول هذا يا مؤمن، ويقول هذا يا كافر.


الصفحة التالية
Icon