هذا إليها "وَمَنْ ضَلَّ" عنه وكفر بمنزله والمنزل عليه، فيبقى تائها في الضلال "فَقُلْ" يا سيد الرسل لمثله "إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ" ٩٢ المخوفين من عذاب اللّه ما أنا بمجبر ولا مسيطر ولا قاسر لأحد على الإيمان، راجع الآية ١٢ من سورة كورت المارة، وقد قام صلّى اللّه عليه وسلم فيما أمره به ربه أتم قيام هذا ومن قال أن هذه الآية نسخت بآية القتال أراد عدم بقاء حكمها، لأن الرسول أمر بقتال من لم يؤمن، وفي الحقيقة لا نسخ، لأن هذا كله ارشاد من وجه وتهديد من آخر والرسول مأمور في هاتين الحالتين حتى بعد نزول آية القتال، لأنه لم يقاتل أحدا قبل إنذاره، فضلا عن أن هذه الآية من الإخبار والأخبار لا يدخلها نسخ "وَقُلِ" يا سيد الرسل "الْحَمْدُ لِلَّهِ" على ما وفقني به من القيام لأداء الرسالة وقل لقومك "سَيُرِيكُمْ آياتِهِ" القاهرة قريبا من الجلاء والسبي والقتل في الدنيا كما يريكم العذاب الشديد في الآخرة ويوم تأتيكم آيات ربي "فَتَعْرِفُونَها" إذ تشاهدونها عيانا لا قولا وتعريضا "وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" ٩٣ بالتاء خطاب لأهل مكة، وبالياء لهم ولغيرهم، وفيها تهديد عظيم ووعيد فظيع إذا هم لم يؤمنوا بأن يوقع بهم ما تهددهم به من الآيات الرهيبة.
هذا واللّه أعلم، وأستغفر اللّه العظيم، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ٢ صـ ٣٠٨ ـ ٣٥٠﴾


الصفحة التالية
Icon