ويختم السورة بإيقاع يناسب موضوعها وجوها:(إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء، وأمرت أن أكون من المسلمين. وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل: إنما أنا من المنذرين. وقل: الحمد لله. سيريكم آياته فتعرفونها، وما ربك بغافل عما تعملون)..
والتركيز في هذه السورة على العلم. علم الله المطلق بالظاهر والباطن، وعلمه بالغيب خاصة. وآياته الكونية التي يكشفها للناس. والعلم الذي وهبه لداود وسليمان. وتعليم سليمان منطق الطير وتنويهه بهذا التعليم.. ومن ثم يجيء في مقدمة السورة:(وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم). ويجيء في التعقيب (قل: لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون. بل ادارك علمهم في الآخرة)..(وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون. وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين)ويجيء في الختام: (سيريكم آياته فتعرفونها).. ويجيء في قصة سليمان:(ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا: الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين).. وفي قول سليمان: (يا أيها الناس علمنا منطق الطير).. وفي قول الهدهد:(ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون). وعندما يريد سليمان استحضار عرش الملكة، لا يقدر على إحضاره في غمضة عين عفريت من الجن، إنما يقدر على هذه: (الذي عنده علم من الكتاب).
وهكذا تبرز صفة العلم في جو السورة تظللها بشتى الظلال في سياقها كله من المطلع إلى الختام. ويمضي سياق السورة كله في هذا الظل، حسب تتابعه الذي أسلفنا. فنأخذ في استعراضها تفصيلا. أ هـ ﴿الظلال حـ ٥ صـ ٢٦٢٤ ـ ٢٦٢٥﴾