في الآية ١٣٢ من الأعراف المارة، وهذه كلها قبل خروجه من مصر وعبوره البحر، أما بعدهما فقد أظهر اللّه له آيات كثيرة، أولها انفلاق البحر، ثم تفجير الماء من الصّخرة، والمن والسلوى، والغمام والطمس، وخسف الأرض بقارون، وإحياء صاحب البقرة، وإحياء هارون، وغيرها، ولبحث آياته عليه السّلام صلة في الآية ١٠٠ من الإسراء الآتية، وقد أرسلناك بهذه الآيات "إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ" ١٢ متجاوزين الحد في الكفر والعدوان، خارجين عن الآداب والمروءة، فذهب وأخذ أهله وتوجه إلى فرعون، وقد قص اللّه لنا ما وقع بينهما في الآية ١١٣ من سورة الأعراف فراجعها، قال تعالى على طريق الإجمال "فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً" على يدي موسى واضحة يشاهدونها بأم أعينهم وتتيقن بها قلوبهم "قالُوا هذا" الذي جاء به موسى "سِحْرٌ مُبِينٌ" ١٣ مكابرة وعنادا "وَجَحَدُوا بِها" أنكروا تلك الآيات وكفروا بها "وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ" بأنها من اللّه ليست بسحر ولا كهانة، وأيقنوا أن موسى ليس بساحر ولا كاهن، وأنه رسول اللّه حقا، وهذا هو الجحود المركب، لأن كل ما تيقنته وأنكرته فهو كذلك، لصدوره عن تعنت وتجبّر وعناد ومكابرة، أما من هداه اللّه كالسحرة ومؤمن آل فرعون وزوجته آسية، فإنهم صدقوا وآمنوا حينما تجلت لهم الحقيقة، وأصرّ فرعون وقومه على الكفر "ظُلْماً" وأي ظلم حيث سموها سحرا وحطوها عن مرتبتها "وَعُلُوًّا" ترفعا واستكبارا عن الإيمان بموسى وربه "فَانْظُرْ" يا سيد الرسل واعجب "كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" ١٤ إذ أهلكناهم في دنياهم غرقا على الصورة المبينة في الآية ٥٣ من سورة الشعراء، المارة، وستنظر عاقبتهم في الآخرة فهي أشد وأفظع وأقبح، وهكذا تكون عاقبة من لم يؤمن من قومك.
مطلب أن اللّه تعالى خص الأنبياء بأشياء خاصة لأمور خاصة :