وقال محمد بن كعب القرضي : كان معسكر سليمان مائة فرسخ خمس وعشرون للإنس، ومثلها للجن، ومثلها للطير، ومثلها للوحش.
والفرسخ اثنا عشر ألف باع، لأنه ربع البريد الذي هو مسافة مرحلة، قال :
أي بذراع اليد، وقالوا إن الجن نسجت بساطا لسليمان عليه السّلام من حرير وذهب فرسخا في فرسخ، وكان يوضع عليه كرسيه في الوسط وتوضع حوله كراسي الذهب والفضة ويجلس عليها العلماء والصلحاء والناس حولهم والجن والشياطين حول الناس، والوحوش حولهم وتظلّهم الطيور بأجنحتها، وكان له ألف بيت من قوارير فيها ثلاثمائة زوجة، وسبعمائة سرية، وأن الريح العاصفة ترفعه، والرّخاء يسير به بأمره، وأن الريح تخبره بما يتكلم به الخلائق، قالوا إن حراثا قال لقد أوتي آل داود ملكا عظيما، فألقته الريح بأذنه، فنزل بموكبه ومشى إليه وقال له تسبيحة واحدة يقبلها اللّه خير مما أوتي آل داود.
قال عمر رضي اللّه عنه : أخبرني يا رسول اللّه عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب، وخضعت له الأجساد، ما هو ؟
فقال صلّى اللّه عليه وسلم ظل اللّه في الأرض، فإذا أحسن فله الأجر، وعليكم الشكر، وإذا
أساء فعليه الوزر، وعليكم الصبر.
وقيل لكسرى أي الملوك أفضل ؟ فقال الذي إذا حاورته وجدته عالما، وإذا خبرته وجدته حكيما، وإذا أغضبته كان حليما، وإذا ظفر كان كريما، وإذا استمنح منح جسيما، وإذا أوعد عفا، وإذا وعد وفى، وإذا شكي إليه كان رحيما.
وقال حكيم ليزدجر : صلاح الملك الرفق بالرعية، وأخذ الحق منها بغير عنف، والتودد بالعدل إليها، وأمن السبيل عليها، وانصاف المظلوم، وردع الظالم.
وجاء في الخبر : يوم واحد من سلطان جائر خير من سبعين سنة بلا سلطان، لأن عدمه يؤدي إلى الفوضى وسفك الدماء ونهب الأموال.
وقال :
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا


الصفحة التالية
Icon