وقال الإمام ابو جعفر بن الزبير : لما أوضح في سورة الشعراء عظيم رحمته بالكتاب، وبيان ما تضمنه مما فضح به الأعداء، ورحم به الأولياء، وبراءته من أن تتسور الشياطين عليه، وباهر آياته الداعية من اهتدى بها إليه، فتميز بعظيم آياته كونه فرقاناً قاطعاً، ونوراً ساطعاً، أتبع سبحانه ذلك مدحة وثناء، وذكر من شملته رحمته به تخصيصاً واعتناء، فقال ﴿تلك آيات القرآن﴾ أي الحاصل عنها مجموع تلك الأنوار آيات القرآن ﴿وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين﴾ ثم وصفهم ليحصل للتابع قسطه من بركة التبع، وليتقوى رجاؤه في النجاة مما أشار إليه ﴿وسيعلم الذين ظلموا﴾ من عظيم ذلك المطلع ؛ ثم أتبع ذلك بالتنبيه على صفة الآهلين لما تقدم من التقول والافتراء تنزيهاً لعباده المتقين، وأوليائه المخلصين، عن دنس الشكوك والامتراء فقال :﴿إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون﴾ أي يتحيرون فلا يفرقون بين النور والإظلام، لارتباك الخواطر والأفهام ؛ ثم أتبع ذلك بتسليته عليه الصلاة والسلام بالقصص الواقعة بعد تنشيطاً له وتعريفاً بعلي منصبه، وإطلاعاً له على عظيم صنعه تعالى فيمن تقدم، ثم ختمت السورة بذكر أهل القيامة وبعض ما بين يديها، والإشارة إلى الجزاء ونجاة المؤمنين، وتهديد من تنكب عن سبيله عليه الصلاة والسلام - انتهى.
ولما عظم سبحانه آيات الكتاب بما فيها من الجمع من النشر مع الإبانة، ذكر حاله فقال :﴿هدى﴾ ولما كان الشيء قد يهدي إلى مقصود يكدر حال قاصده.
قال نافياً لذلك، وعطف عليه بالواو دلالة على الكمال في كل من الوصفين :﴿وبشرى﴾ أي عظيمة.