" إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القِسط ويرفعه حجابه النور لو كشفها لأحرقت سُبُحات وجهه كل شيء أدركه بصره " ثم قرأ أبو عبيدة :﴿ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ أخرجه البيهقي أيضاً.
ولفظ مسلم عن أبي موسى قال :" قام فينا رسول الله ﷺ بخمس كلمات ؛ فقال : إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يُرفَع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور وفي رواية أبي بكر النار لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصرهُ من خلقه " قال أبو عبيد : يقال السُّبَحات إنها جلال وجهه، ومنها قيل : سبحان الله إنما هو تعظيم له وتنزيه.
وقوله :"لو كشفها" يعني لو رفع الحجاب عن أعينهم ولم يثبِّتهم لرؤيته لاحترقوا وما استطاعوا لها.
قال ابن جُريج : النار حجاب من الحجب وهي سبعة حجب ؛ حجاب العزّة، وحجاب الملك، وحجاب السلطان، وحجاب النار، وحجاب النور، وحجاب الغمام، وحجاب الماء.
وبالحقيقة فالمخلوق المحجوب والله لا يحجبه شيء ؛ فكانت النار نوراً وإنما ذكره بلفظ النار ؛ لأن موسى حسبه ناراً، والعرب تضع أحدهما موضع الآخر.
وقال سعيد بن جبير : كانت النار بعينها فأسمعه تعالى كلامه من ناحيتها، وأظهر له ربوبيته من جهتها.
وهو كما روي أنه مكتوب في التوراة :"جاء الله من سيناء وأشرف من ساعير واستعلى من جبال فاران".
فمجيئه من سيناء بعثه موسى منها، وإشرافه من ساعير بعثه المسيح منها، واستعلاؤه من فاران بعثه محمداً ﷺ، وفاران مكة.
وسيأتي في "القصص" بإسماعه سبحانه كلامه من الشجرة زيادة بيان إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى :﴿ وَسُبْحَانَ الله رَبِّ العالمين ﴾ تنزيهاً وتقديساً لله رب العالمين.