قال القاضي أبو محمد : والذي يظهر عندي في هذه الآية وكل ما جرى مجراها أن هؤلاء الكفرة كانوا إذا نظروا في آيات موسى عليه السلام أعطتهم عقولهم أنها ليست تحت قدرة البشر وحصل لهم اليقين أنها من عند الله تعالى، فيغلبهم أثناء ذلك الحسد ويتمسكون بالظنون في أنه سحر وغير ذلك مما يختلج في الظن بحسب كل آية، ويلجون في عماهم فيضطرب ذلك اليقين ويدفعونه في كل حيلة من التحيل لربوبية فرعون وغير ذلك، حتى يستلب ذلك اليقين أو يدوم كذلك مضطرباً، وحكمه المستلب في وجوب عذابهم، و﴿ ظلماً ﴾ معناه على غير استحقاق للجحد، و" العلو " في الأرض أعظم آفة على طالبه. قال الله تعالى :﴿ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ﴾ [ القصص : ٨٣ ]. ثم عجبه تعالى من عقاب ﴿ المفسدين ﴾ قوم فرعون وسوء منقلبهم حين كذبوا موسى وفي هذا تمثيل لكفار قريش إذ كانوا مفسدين مستعلين، وقرأ ابن وثاب وطلحة والأعمش " ظلماً وعلياً "، وحكى أبو عمرو الداني عنهم وعن أبان بن تغلب أنهم كسروا العين من " عِلياً ". أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon