وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سواء ﴾
تقدم في "طه" القول فيه.
﴿ فِي تِسْعِ آيَاتٍ ﴾ قال النحاس أحسن ما قيل فيه أن المعنى : هذه الآية داخلة في تسع آيات.
المهدوي : المعنى :﴿ أَلْقِ عَصَاكَ ﴾ ﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾ فهما آيتان من تسع آيات.
وقال القشيري معناه : كما تقول خرجت في عشرة نفر وأنت أحدهم.
أي خرجت عاشر عشرة.
ف ﴿ في ﴾ بمعنى ﴿ من ﴾ لقربها منها كما تقول خذ لي عشراً من الإبل فيها فحلان أي منها.
وقال الأصمعي في قول امرىء القيس :
وهل يَنْعَمَنْ من كان آخرُ عهدِه...
ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوالِ
في بمعنى من.
وقيل : في بمعنى مع ؛ فالآيات عشرة منها اليد، والتسع : الفلق والعصا والجراد والقُمَّل والطوفان والدم والضفادع والسنين والطَّمْس.
وقد تقدّم بيان جميعه.
﴿ إلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ﴾ قال الفرّاء : في الكلام إضمار لدلالة الكلام عليه، أي إنك مبعوث أو مرسل إلى فرعون وقومه.
﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾ أي خارجين عن طاعة الله ؛ وقد تقدّم.
قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً ﴾ أي واضحة بينة.
قال الأخفش : ويجوز مَبصْرَة وهو مصدر كما يقال : الولد مَجْبَنة.
﴿ قَالُواْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ جروا على عادتهم في التكذيب فلهذا قال :﴿ وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً ﴾ أي تيقنوا أنها من عند الله وأنها ليست سحراً، ولكنهم كفروا بها وتكبروا أن يؤمنوا بموسى.
وهذا يدلّ على أنهم كانوا معاندين.
و﴿ ظُلْماً ﴾ و ﴿ عُلُوًّا ﴾ منصوبان على نعت مصدر محذوف، أي وجحدوا بها جحوداً ظلماً وعلواً.
والباء زائدة أي وجحدوها ؛ قاله أبو عبيدة.
﴿ فانظر ﴾ يا محمد ﴿ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين ﴾ أي آخر أمر الكافرين الطاغين، انظر ذلك بعين قلبك وتدبر فيه.
الخطاب له والمراد غيره. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٣ صـ ﴾