قال الأصمعي في قول امرىء القيس :
وهل ينعمن من كان آخر عهده... ثلاثون شهراً في ثلاثة أحوال
في بمعنى من، وقيل : في بمعنى مع ﴿ إلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ﴾ قال الفراء : في الكلام إضمار، أي إنك مبعوث، أو مرسل إلى فرعون وقومه، وكذا قال الزجاج :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فاسقين ﴾ الجملة تعليل لما قبلها ﴿ فَلَمَّا جَاءتْهُمْ ءاياتنا مُبْصِرَةً ﴾ أي جاءتهم آياتنا التي على يد موسى حال كونها مبصرة أي واضحة بينة كأنها لفرط وضوحها تبصر نفسها كقوله :﴿ وَآتَيْنَا ثَمُودَ الناقة مُبْصِرَةً ﴾ [ الإسراء : ٥٩ ].
قال الأخفش : ويجوز أن تكون بمعنى مبصرة على أن اسم الفاعل بمعنى اسم المفعول، وقد تقدّم تحقيق الكلام في هذا.
وقرأ عليّ بن الحسين، وقتادة :" مبصرة " بفتح الميم، والصاد أي مكاناً يكثر فيه التبصر، كما يقال : الولد مجبنة ومبخلة ﴿ قَالُواْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ أي : لما جاءتهم قالوا هذا القول أي سحر واضح.
﴿ وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ ﴾ أي كذبوا بها حال كون أنفسهم مستيقنة لها، فالواو للحال، وانتصاب ﴿ ظُلْماً وَعُلُوّاً ﴾ على الحال أي ظالمين عالين، ويجوز أن ينتصبا على العلة أي الحامل لهم على ذلك الظلم والعلوّ، ويجوز أن يكونا نعت مصدر محذوف أي جحدوا بها جحوداً ظلماً وعلوًّا.
قال أبو عبيدة : والباء في ﴿ وجحدوا بها ﴾ زائدة، أي وجحدوها.
قال الزجاج : التقدير : وجحدوا بها ظلماً وعلوًّا، أي شركاً، وتكبراً عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى، وهم يعلمون أنها من عند الله ﴿ فانظر ﴾ يا محمد ﴿ كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين ﴾ أي تفكر في ذلك، فإن فيه معتبراً للمعتبرين.
وقد كان عاقبة أمرهم الإغراق لهم في البحر على تلك الصفة الهائلة.