جازماً بالوعد للتعبير بالخير الشامل للهدى وغيره، فكان تعلق الرجاء به أقوى من تعلقه بخصوص كونه هدى، ولأن مقصود السورة يرجع إلى العلم، فكان الأليق به الجزم، ولذا عبر بالشهاب الهادي لأولي الألباب :﴿سآتيكم﴾ أي بوعد صادق وإن أبطأت ﴿منها بخبر﴾ أي ولعل بعضه يكون مما نهتدي به في هذا الظلام إلى الطريق، وكان قد ضلها ﴿أو آتيكم بشهاب﴾ أي شعلة من نار ساطعة ﴿قبس﴾ أي عود جاف مأخوذ من معظم النار فهو بحيث قد استحكمت فيه النار فلا ينطفىء ؛ وقال البغوي : وقال بعضهم : الشهاب شيء ذو نور مثل العمود، والعرب تسمي كل أبيض ذي نور شهاباً، والقبس : القطعة من النار.
فقراءة الكوفيين بالتنوين على البدل أو الوصف، وقراءة غيرهم بالإضافة، لأن القبس أخص.
وعلل إتيانه بذلك إفهاماً لأنها ليله باردة بقوله :﴿لعلكم تصطلون﴾ أي لتكونوا في حال من يرجى أن يستدفىء بذلك أي يجد به الدفء لوصوله معي فيه النار، وآذن بقرب وصوله فقال :﴿فلما جاءها﴾ أي تلك التي ظنها ناراً.
ولما كان البيان بعد الإبهام أعظم، لما فيه من التشويق والتهيئة للفهم، بني للمفعول قوله :﴿نودي﴾ أي من قبل الله تعالى.
ولما أبهم المنادى فتشوقت النفوس إلى بيانه، وكان البيان بالإشارة أعظم.