أما قوله :﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ فالجان الحية الصغيرة، سميت جاناً، لأنها تستتر عن الناس، وقرأ الحسن ﴿جَانٌّ﴾ على لغة من يهرب من التقاء الساكنين، فيقول شأبة ودأبة.
أما قوله :﴿وَلَمْ يُعَقّبْ﴾ معناه لم يرجع، يقال عقب المقاتل إذا ( مر ) بعد الفرار، وإنما خاف لظنه أن ذلك لأمر أريد به، ويدل عليه ﴿إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ المرسلون﴾ وقال بعضهم : المراد إني إذا أمرتهم بإظهار معجز فينبغي أن لا يخافوا فيما يتعلق بإظهار ذلك وإلا فالمرسل قد يخاف لا محالة.
أما قوله تعالى :﴿إَلاَّ مَن ظَلَمَ﴾ معناه لكن من ظلم وهو محمول على ما يصدر من الأنبياء من ترك الأفضل أو الصغيرة، ويحتمل أن يكون المقصود منه التعريض بما وجد من موسى وهو من التعريضات اللطيفة.
قال الحسن رحمه الله : كان والله موسى ممن ظلم بقتل القبطي ثم بدل، فإنه عليه السلام قال :﴿رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فاغفر لِى﴾ [ القصص : ١٦ ] وقرىء ( ألا من ظلم ) بحرف التنبيه.
أما قوله تعالى :﴿ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء﴾ فالمراد حسن التوبة وسوء الذنب، وعن أبي بكر في رواية عاصم ( حسناً ). أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٤ صـ ١٥٥ ـ ١٥٨﴾