وَرَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ نَزَلَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِجِهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً ﴾.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ :﴿ يُوزَعُونَ ﴾ يَعْنِي يَمْنَعُونَ وَيَدْفَعُونَ، وَيَرُدُّ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى يُلْهَمُونَ مِنْ قَوْلِهِ :﴿ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَك ﴾ أَيْ أَلْهِمْنِي.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْأُولَى، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ رُدَّنِي.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : رَوَى أَشْهَبُ قَالَ : قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ : قَالَ عُثْمَانُ : مَا يَزَعُ النَّاسَ السُّلْطَانُ أَكْثَرَ مِمَّا يَزَعُهُمْ الْقُرْآنُ.
قَالَ مَالِكٌ : يَعْنِي يَكُفُّهُمْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مِثْلُهُ، وَزَادَ ثُمَّ تَلَا مَالِكٌ :﴿ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾ أَيْ يُكَفُّونَ.
وَقَدْ جَهِلَ قَوْمٌ الْمُرَادَ بِهَذَا الْكَلَامِ، فَظَنُّوا أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ قُدْرَةَ السُّلْطَانِ تَرْدَعُ النَّاسَ أَكْثَرَ مِمَّا تَرْدَعُهُمْ حُدُودُ الْقُرْآنِ.


الصفحة التالية
Icon