فصل


قال الفخر :
﴿ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) ﴾
اعلم أن في قوله تعالى :﴿قَالَ يَا أَيُّهَا الملأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا﴾ دلالة على أنها عزمت على اللحوق بسليمان، ودلالة على أن أمر ذلك العرش كان مشهوراً، فأحب أن يحصل عنده قبل حضورها، واختلفوا في غرض سليمان عليه السلام من إحضار ذلك العرض على وجوه : أحدها : أن المراد أن يكون ذلك دلالة لبلقيس على قدرة الله تعالى وعلى نبوة سليمان عليه السلام، حتى تنضم هذه الدلالة إلى سائر الدلائل التي سلفت وثانيها : أراد أن يؤتى بذلك العرش فيغير وينكر، ثم يعرض عليها حتى أنها هل تعرفه أو تنكره، والمقصود اختبار عقلها، وقوله تعالى :﴿قَالَ نَكّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِى﴾ [ النمل : ٤١ ] كالدلالة على ذلك وثالثها : قال قتادة : أراد أن يأخذه قبل إسلامها، لعلمه أنها إذا أسلمت لم يحل له أخذ مالها ورابعها : أن العرش سرير المملكة، فأراد أن يعرف مقدار مملكتها قبل وصولها إليه.
أما قوله :﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مّن الجن﴾ فالعفريت من الرجال الخبيث المنكر الذي يعفر أقرانه، ومن الشياطين الخبيث المارد.
أما قوله :﴿قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ﴾ فالمعنى من مجلسك، ولا بد فيه من عادة معلومة حتى يصح أن يؤقت، فقيل المراد مجلس الحكم بين الناس، وقيل الوقت الذي يخطب فيه الناس، وقيل إلى انتصاف النهار.
وأما قوله :﴿لَقَوِىٌّ﴾ أي على حمله ﴿أَمِينٌ﴾ آتي به كما هو لا أختزل منه شيئاً.
أما قوله :﴿قَالَ الذى عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ الكتاب﴾ ففيه بحثان :


الصفحة التالية
Icon