قال القاضي أبو محمد : وهي مسيرة شهرين للمجدّ، وقول مجاهد : أشهر، وروي أن الجن كانت تخبر سليمان بمناقل سيرها فلما قربت قال ﴿ أيكم يأتيني بعرشها ﴾، واختلف المفسرون في ﴿ الذي عنده علم من الكتاب ﴾ من هو، فجمهور الناس على أنه رجل صالح من بني إسرائيل اسمه " آصف بن برخيا " روي أنه صلى ركتين ثم قال يا نبي الله أمدد بصرك فمد بصره نحو اليمن فإذا بالعرش فما رد سليمان بصره إلا وهو عنده، وقال قتادة اسمه بليخا، وقال إبراهيم النخعي هو " جبريل عليه السلام "، وقال ابن لهيعة هو الخضر وحكى النقاش عن جماعة أنهم سمعوا أنه ضبة بن آد جد بني ضبة من العرب، قالوا وكان رجلاً فاضلاً يخدم سليمان على قطعة من خيله.
قال القاضي أبو محمد : وهذا قول ضعيف، وقالت فرقة بل هو سليمان عليه السلام والمخاطبة في هذا التأويل للعفريت لما قال هو ﴿ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ﴾، كأن سليمان عليه السلام استبطأ ذلك فقال له على جهة تحقيره ﴿ أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ﴾ واستدل قائل هذا القول بقول سليمان. ﴿ هذا من فضل ربي ﴾، واستدل أيضاً بهذا القول مناقضه إذ في كلا الأمرين على سليمان فضل من الله تعالى، وعلى القول الأول المخاطبة لسليمان، ولفظ، ﴿ آتيك ﴾، يحتمل أن يكون فعلاً مستقبلاً، ويحتمل أن يكون اسم فاعل، وفي الكلام حذف تقديره فدعا باسم الله فجاء العرش بقدرة الله فلما رآه سليمان مستقراً عنده جعل يشكر نعمة ربه بعبارة فيا تعليم للناس وفي عرضة للاقتداء بها والاقتباس منها، وقال ابن عباس المعنى ﴿ ءاشكر ﴾ على السرير وسوقه ﴿ أم أكفر ﴾ إذ رأيت من هو دوني في الدنيا أعلم مني وظهر العامل في الظرف من قوله ﴿ مستقراً ﴾ وهذا المقدر أبداً في كل ظرف جاء هنا مظهراً وليس في كتاب الله تعالى مثله. وباقي الآية بين. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon