في هذا الموضع اختصار لما يدل ظاهر القول عليه تقديره فألقى الكتاب وقرأته وجمعت له أهل ملكها، و﴿ الملأ ﴾ أشراف الناس الذين ينوبون مناب الجميع، ووصفت " الكتاب بالكرم " إما لأنه من عند عظيم في نفسها ونفوسهم فعظمته إجلالاً لسليمان، وهذا قول ابن زيد، وإما أنها أشارت إلى أنه مطبوع عليه بالخاتم، وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال :" كرم الكتاب ختمه " وإما إن أرادت أنه بدىء ﴿ بسم الله ﴾ ف ﴿ كريم ﴾ ضد أجْذم كما قال رسول الله ﷺ " كل كلام لم يبدأ باسم الله تعالى فهو أجذم "، ثم أخذت تصف لهم ما في الكتاب فيحتمل اللفظ أنه نص الكتاب موجزاً بليغاً وكذلك كتب الأنبياء وقدم فيه العنوان وهي عادة الناس على وجه الدهر، ثم سمى الله تعالى، ثم أمرهم بأن لا يعلوا عليه طغياناً وكفراً وأن يأتوه ﴿ مسلمين ﴾، ويحتمل أنها قصدت إلى اقتضاب معانيه دون ترتيبه فأعلمتهم ﴿ أنه من سليمان ﴾ وأن معنى ما فيه كذا وكذا، وقرأ أبيّ " وأن بسم الله " بفتح الهمز وتخفيف النون وحذف الهاء، وقرأ ابن أبي عبلة " أنه " من " وأنه " بفتح الهمزة فيهما، وفي قراءة عبد الله " وأنه من سليمان " بزيادة، و﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾، استفتاح شريف بارع المعنى معبر عنه بكل وفي كل شرع، و﴿ أن ﴾ في قوله تعالى :﴿ أن لا تعلوا علي ﴾ يحتمل أن تكون رفعاً على البدل من ﴿ كتاب ﴾، أو نصباً على معنى " بأن لا تعلوا "، أو مفسرة بمنزلة أي قاله سيبويه، وقرأ وهب بن منبه " أن لا تغلوا " بالغين منقوطة، قال أبو الفتح رواها وهب عن ابن عباس وهي قراءة الأشهب العقيلي ذكرها الثعلبي ثم أخذت في حسن الأدب مع رجالها ومشاورتهم في أمرهم وأعلمتهم أن ذلك مطرد عندها في كل أمر فكيف في هذه النازلة الكبرى، فراجعها الملأ بما يقر عينها من إعلامهم إياها ب " القوة والبأس " أي وذلك مبذول إليك فقاتلي إن شئت، ثم سلموا الأمر إلى نظرها وهذه