قال فقال عمر : ايتني بمن يشهد معك ؛ قال : فشهد له محمد بن مسلمة وفي رواية فقال : لا تبرح حتى تأتي بالمخرج من ذلك ؛ فخرجت فوجدت محمد بن مسلمة فجئت به فشهد.
ونحوه حديث أبي موسى في الاستئذان وغيره.
السادسة عشرة : قوله تعالى :﴿ اذهب بِّكِتَابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ﴾ قال الزجاج : فيها خمسة أوجه ﴿ فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ﴾ بإثبات الياء في اللفظ.
وبحذف الياء وإثبات الكسرة دالّة عليها ﴿ فَأَلِقِهِ وإِلَيْهِمِ ﴾.
وبضم الهاء وإثبات الواو على الأصل ﴿ فَأَلْقِهُ إِلَيْهِمْ ﴾.
وبحذف الواو وإثبات الضمة ﴿ فَأَلْقِهُ إِلَيْهِمْ ﴾.
واللغة الخامسة قرأ بها حمزة بإسكان الهاء ﴿ فَأَلْقِهْ إلَيْهِمْ ﴾.
قال النحاس : وهذا عند النحويين لا يجوز إلا على حيلة بعيدة تكون : يقدّر الوقف ؛ وسمعت علي بن سليمان يقول : لا تلتفت إلى هذه العلة، ولو جاز أن يصل وهو ينوي الوقف لجاز أن يحذف الإعراب من الأسماء.
وقال :﴿ إليهِم ﴾ على لفظ الجمع ولم يقل إليها ؛ لأنه قال :﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ ﴾ فكأنه قال : فألقه إلى الذين هذا دينهم ؛ اهتماماً منه بأمر الدِّين، واشتغالاً به عن غيره، وبنى الخطاب في الكتاب على لفظ الجمع لذلك.
وروي في قصص هذه الآية أن الهدهد وصل فألفى دون هذه الملكة حجُبَ جدران ؛ فعمد إلى كُوّة كانت بلقيس صنعتها لتدخل منها الشمس عند طلوعها لمعنى عبادتها إياها، فدخل منها ورمى الكتاب على بلقيس وهي فيما يروى نائمة ؛ فلما انتبهت وجدته فراعها، وظنت أنه قد دخل عليها أحد، ثم قامت فوجدت حالها كما عهدت، فنظرت إلى الكُوّة تَهمُّما بأمر الشمس، فرأت الهدهد فعلمت.