وقال أبو السعود :
﴿ وَلُوطاً ﴾ منصوبٌ بمضمرٍ معطوفٍ على أرسلنا في صدرِ قصَّة صالحٍ داخلٌ معه في حيِّز القسمِ أي وأرسلنا لوطاً. وقوله تعالى :﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ﴾ ظرفٌ للإرسالِ على أنَّ المرادَ به أمرٌ ممتدٌ وقعَ فيه الإرسالُ وما جرى بينَه وبينَ قومِه من الأقوالِ والأحوالِ. وقيل : انتصابُ لوطاً بإضمارِ اذكُر، وإذْ بدلٌ منه، وقيل : بالعطفِ على الذين آمنُوا أي وأنجينا لوطاً وهو بعيدٌ ﴿ أَتَأْتُونَ الفاحشة ﴾ أي الفعلةَ المتناهيةَ في القبحِ والسَّماجةِ. وقولُه تعالى :﴿ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ جملةٌ حاليةٌ من فاعلِ تأتُون مفيدةٌ لتأكيدِ الإنكارِ وتشديدِ التَّوبيخِ، فإنَّ تعاطيَ القبيحِ من العِالمِ بقُبحه أقبحُ وأشنعُ. وتُبصرون من بصرِ القلبِ أي أتفعلونَها والحال أنَّكم تعلمون علماً يقينياً بكونِها كذلك وقيل : يبصرُها بعضُكم من بعضٍ لما كانُوا يُعلنون بَها.
﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال شَهْوَةً ﴾
تثنيةٌ للإنكارِ وتكريرٌ للتوبيخِ وبيانٌ لما يأتونَهُ من الفاحشةِ بطريق التَّصريحِ، وتحليةُ الجملةِ بحرفي التأكيدِ للإيذانِ بأنَّ مضمونَها مما لا يُصدِّق وقوعَه أحدٌ لكمالِ بُعدِه من العقولِ. وإيرادُ المفعولِ بعُنوانِ الرُّجوليةِ لتربيةِ التقبيحِ وتحقيقِ المباينةِ بينها وبين الشهوةِ التي عُلل بها الإتيانُ ﴿ مّن دُونِ النساء ﴾ متجاوزينَ النساءَ اللاتي هُنَّ محالُّ الشهوةِ ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ تفعلونَ فعلَ الجاهلينَ بقبحِه أو تجهلون العاقبةَ أو الجهلُ بمعنى السَّفاهة والمجُون أي بل أنتُم قومٌ سفهاءُ ماجنونَ. والتَّاءُ فيه مع كونِه صفةً لقومٍ لكونِهم في حيِّزِ الخطابِ.


الصفحة التالية
Icon