ويجوز أن يكون من بصر العين أي وأنتم ترون وتشاهدون كونها فاحشة على تنزيل ذلك لظهوره منزلة المحسوس، وقيل : مفعول ﴿ تُبْصِرُونَ ﴾ من المحسوسات حقيقة أي وأنتم تبصرون آثار العصاة قبلكم أو وأنتم ينظر بعضكم بعضاً لا يستتر ولا يتحاشى من إظهار ذلك لعدم أكتراثكم به، ووجه إفادة الجملة على الاحتمالين تأكيد الإنكار أيضاً ظاهر، وقوله تعالى :
﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال شَهْوَةً ﴾ تثنية للإنكار وبيان لما أتونه من الفاحشة بطريق التصريح بعد الإبهام، وتحلية الجملة بحرفي التأكيد للإيذان بأن مضمونها مما لا يصدق وقوعه أحد لكمال شناعته، وإيراد المفعول بعنوان الرجولية دون الذكورية لتربيته التقبيح وبيان اختصاصه ببني آدم، وتعليل الإتيان بالشهوة تقبيح على تقبيح لما أنها ليست في محله، وفيه إشارة إلى أنهم مخطؤون في محلها فعلاً، وفي قوله تعالى :﴿ مّن دُونِ النساء ﴾ أي متجاوزين النساء اللاتي هن محال الشهوة إشارة إلى أنهم مخطئون فيه تركاً، ويعلم مما ذكرنا أن ﴿ شَهْوَةً ﴾ مفعول له للإتيان، وجوز أن يكون حالاً.