ولما كان الرهط بمعنى القوم والرجال، أضيفت التسعة إليه، فكأنه قيل : تسعة رجال، وإن كان لقوم ورجال مخصوصين، وهم ما بين الثلاثة أو السبعة إلى العشرة، وما دون التسعة فنفر، وقال في القاموس : إن النفر ما دون العشرة غير أنه يفهم التفرق، والرهط يفهم العظمة والشدة والاجتماع ﴿يفسدون﴾ وقال :﴿في الأرض﴾ إشارة إلى عموم فسادهم ودوامه.
ولما كان الكفرة كلهم مفسدين بالكفر، وكان بعضهم ربما كان يصلح في بعض أفعاله، بين أن هؤلاء ليسوا كذلك، بل هم شر محض فحقق خلوصهم للفساد بقوله مصرحاً بما أفهمته صيغة المضارع :﴿ولا يصلحون ﴾.
ولما اقتضى السياق السؤال عن بيان بعض حالهم، أجاب بقوله :﴿قالوا تقاسموا﴾ أمر مما منه القسم، أي أوقعوا المقاسمة والمحالفة بينكم ﴿بالله﴾ أي الذي لا سمى له لما شاع من عظمته، وشمول إحاطته في علمه وقدرته، فليقل كل منكم عن نفسه ومن معه إشارة إلى أنكم كالجسد الواحد :﴿لنبيتنّه﴾ أي صالحاً ﴿وأهله﴾ أي لنهلكن الجميع ليلاً، فإن البيات مباغتة العدو ليلاً.
ولما كانت العادة جارية بأن المبيتين لا بد أن يبقى بعضهم، قالوا :﴿ثم لنقولن لوليّه﴾ أي المطالب بدمه إن بقي منهم أحد :﴿ما شهدنا﴾ أي حضرنا حضوراً تاماً ﴿مهلك﴾ أي هلاك ﴿أهله﴾ أي أهل ذلك الولي فضلاً عن أن نكون باشرنا، أو أهل صالح عليه السلام فضلاً عن أن نكون شهدنا مهلك صالح أو باشرنا قتله ولا موضع إهلاكهم.
ولما كانت الفجيعة من وليه بهلاكه - عليه السلام - أكثر من الفجيعة بهلاك أهله وأعظم، كان في السياق بالإسناد إلى الولي - على تقدير كون الضمير لصالح عليه السلام - أتم إرشاد إلى أن التقدير : ولا مهلكه.