أحدها : أن قوله في هذه الآية :﴿وبالوالدين إحسانا﴾ غير مقيد بكونهما مؤمنين أم لا، ولأنه ثبت في أصول الفقه أن الحكم المرتب على الوصف مشعر بعلية الوصف، فدلت هذه الآية على أن الأمر بتعظيم الوالدين لمحض كونهما والدين وذلك يقتضي العموم، وهكذا الاستدلال بقوله تعالى :﴿وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إياه وبالوالدين إحسانا ﴾.
وثانيها : قوله تعالى :﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا﴾ الآية، وهذا نهاية المبالغة في المنع من إياذئهما، ثم إنه تعالى قال في آخر الآية :﴿وَقُل رَّبّ ارحمهما كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا﴾ [ الإسراء : ٢٣، ٢٤ ] فصرح ببيان السبب في وجوب هذا التعظيم.
وثالثها : أن الله تعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام أنه كيف تلطف في دعوة أبيه من الكفر إلى الإيمان في قوله :﴿يا أبت لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً﴾ [ مريم : ٤٢ ] ثم إن أباه كان يؤذيه ويذكر الجواب الغليظ وهو عليه السلام كان يتحمل ذلك، وإذا ثبت ذلك في حق إبراهيم عليه السلام ثبت مثله في حق هذه الأمة لقوله تعالى :﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا﴾ [ النحل : ١٢٣ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ١٥١﴾
فائدة
قال الفخر :
اعلم أن الإحسان إليهما هو ألا يؤذيهما ألبتة ويوصل إليهما من المنافع قدر ما يحتاجان إليه، فيدخل فيه دعوتهما إلى الإيمان إن كانا كافرين وأمرهما بالمعروف على سبيل الرفق إن كانا فاسقين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ١٥١﴾
قوله تعالى ﴿وَذِى القربى﴾
فصل
قال الفخر :
قال الشافعي رضي الله عنه : لو أوصى لأقارب زيد دخل فيه الوارث المحرم وغير المحرم، ولا يدخل الأب والابن لأنهما لا يعرفان بالقريب، ويدخل الأحفاد والأجداد، وقيل : لا يدخل الأصول والفروع وقيل بدخول الكل.