وقيل : من آمن قديماً من أسلافهم، وحديثاً كعبد الله بن سلام وغيره.
قال ابن عطية : ويحتمل أن تكون القلة في الإيمان، أي لم يبق حين عصوا وكفر آخرهم بمحمد ﷺ إلا إيمان قليل، إذ لا ينفعهم، والأول أقوى.
انتهى كلامه، وهو احتمال بعيد من اللفظ، إذ الذي يتبادر إليه الفهم إنما هو استثناء أشخاص قليلين من الفاعل الذي هو الضمير في توليتم، ونصب : قليلاً، على الاستثناء، وهو الأفصح، لأن قبله موجب.
وروي عن أبي عمرو أنه قرأ : إلا قليل، بالرفع.
وقرأ بذلك أيضاً قوم، قال ابن عطية : وهذا على بدل قليل من الضمير في توليتم، وجاز ذلك، يعني البدل، مع أن الكلام لم يتقدم فيه نفي، لأن توليتم معناه النفي، كأنه قال : لم يفوا بالميثاق إلا قليل، انتهى كلامه.
والذي ذكر النحويون أن البدل من الموجب لا يجوز، لو قلت : قام القوم إلا زيد، بالرفع على البدل، لم يجز، قالوا : لأن البدل يحلّ محلّ المبدل منه، فلو قلت : قام إلا زيد، لم يجز لأن إلا لا تدخل في الموجب.
وأما ما اعتلّ به من تسويغ ذلك، لأن معنى توليتم النفي، كأنه قيل : لم يفوا إلا قليل، فليس بشيء، لأن كل موجب، إذا أخذت في نفي نقيضه أو ضدّه، كان كذلك، فليجز : قام القوم إلا زيد، لأنه يؤوّل بقولك : لم تجلسوا إلا زيد.
ومع ذلك لم تعتبر العرب هذا التأويل، فتبني عليه كلامها، وإنما أجاز النحويون : قام القوم إلا زيد بالرفع، على الصفة.
وقد عقد سيبويه في ذلك باباً في كتابه فقال : هذا باب ما يكون فيه إلا وما بعده وصفاً بمنزلة غير ومثل.
وذكر من أمثلة هذا الباب : لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا، ﴿ ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ﴾.
وقليل بها الأصوات إلا بغامها...