وههنا دقيقة وهي أن العرب يحفظون الأجداد العالية ليرتفع نسبهم، ونحن لو ترقينا إلى الجد العالي وحسبنا أولاده كثروا، فلهذا قال الشافعي : نرتقي إلى أقرب جد ينسب هو إليه ويعرف به. وذكروا في مثاله أنه لو أوصى لأقارب الشافعي فإنا نصرفه إلى أولاد شافع فإنه منسوب إليه، ولا يدخل فيها أولاد علي والعباس وإن كان شافع وعلي والعباس كلهم أولاد السائب بن عبيد، والشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب ابن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. قال المحققون : هذا في زمان الشافعي، وأما في زماننا فلا نصرفه إلا إلى أولاد الشافعي ولا نرتقي إلى بني شافع لأنه أقرب من يعرف به أقاربه في زماننا، ولا يدخل الأقارب من الأم في وصية العرب لأن قرابة الأم لا تعدها العرب قرابة ولا تفتخر بها أما لو أوصى لذي رحم زيد فيدخل فيه قرابة الأم في وصية العرب والعجم، لأن لفظ الرحم لا يختص بطرف الأب بحال. وذهبت طائفة إلى أن الأقوى على ما أجاب به العراقيون ومال إليه أبو حنيفة، هو أن أقارب الأم تدخل في الوصية سواء كانت في وصية العرب أو وصية العجم، وتوجيه الفارق ممنوع لقوله ﷺ " سعد خالي فليرني امرؤ خاله ". والإحسان إلى الأقارب قريب من الإحسان إلى الوالدين، وذلك بأن يجتهد في رضاهم بما تيسر له عرفاً وشرعاً، وينفق عليهم بالمعروف إن كانوا معسرين وهو موسر.