﴿ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله ﴾ على إرادة القول أي قلنا أو قائلين ليرتبط بما قبله وهو إخبار في معنى النهي كقوله تعالى :﴿ لا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ] وكما تقول : تذهب إلى فلان وتقول له كيت وكيت، وإلى ذلك ذهب الفراء، ويرجحه أنه أبلغ من صريح النهي لما فيه من إيهام أن المنهي كأنه سارع إلى ذلك فوقع منه حتى أخبر عنه بالحال أو الماضي أي ينبغي أن يكون كذلك فلا يرد أن حال المخبر عنه على خلافه وأنه قرأ ابن مسعود ﴿ لاَّ تَعْبُدُواْ ﴾ على النهي وأن ﴿ قُولُواْ ﴾ عطف عليه فيحصل التناسب المعنوي بينهما في كونهما إنشاء، وإن كان يجوز عطف الإنشاء على الإخبار فيما له محل من الإعراب، وقيل : تقديره أن لا تعبدوا، فلما حذف الناصب ارتفع الفعل، ولا يجب الرفع بعد الحذف في مثل ذلك خلافاً لبعضهم وإلى هذا ذهب الأخفش ونظيره من نثر العرب مره يحفرها ومن نظمها :
ألا أيها الزاجري احضر الوغى...
وإن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
ويؤيد هذا قراءة ﴿ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ﴾ ويضعفه أن ( أن ) لا تحذف قياساً في مواضع ليس هذا منها ؛ فلا ينبغي تخريج الآية عليه، وعلى تخريجها عليه فهو مصدر مؤول بدل من الميثاق أو مفعول به بحذف حرف الجر أي بأن لا أو على أن لا، وقيل : إنه جواب قسم دل عليه الكلام، أي حلفناهم لا تعبدون، أو جواب الميثاق نفسه لأن له حكم القسم، وعليه يخلو الكلام عما مر في وجه رجحان الأول، وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو عمرو، وعاصم، ويعقوب، بالتاء حكاية لما خوطبوا به والباقون بالياء لأنهم غيب، وفي الآية حينئذٍ التفاتان في لفظ الجلالة و( يعبدون ).