﴿ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ أي قولاً حسناً سماه به للمبالغة وقيل : هو لغة في الحسن كالبخل والبخل والرشد والرشد، والعرب والعرب، والمراد قولوا لهم القول الطيب وجاوبوهم بأحسن ما يحبون قاله أبو العالية وقال سفيان الثوري : مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : قولوا لهم لا إله إلا الله مروهم بها، وقال ابن جريج : أعلموهم بما في كتابكم من صفة رسول الله ﷺ وقول أبي العالية في المرتبة العالية والظاهر أن هذا الأمر من جملة الميثاق المأخوذ على بني إسرائيل : ومن قال : إن المخاطب به الأمة وهو محكم أو منسوخ بآية السيف أو إن الناس مخصوص بصالحي المؤمنين إذ لا يكون القول الحسن مع الكفار والفساق لأنا أمرنا بلعنهم وذمهم ومحاربتهم فقد أبعد وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب ﴿ حَسَنًا ﴾ بفتحتين وعطاء وعيسى بضمتين وهي لغة الحجاز وأبو طلحة بن مصرف ﴿ حسنى ﴾ على وزن فعلى، واختلف في وجهه فقيل : هو مصدر كرجعى، واعترضه أبو حيان بأنه غير مقيس ولم يسمع فيه، وقيل : هو صفة كحبلى أي مقالة أو كلمة حسنى وفي الوصف بها وجهان أحدهما : أن تكون باقية على أنها للتفضيل واستعمالها بغير الألف واللام والإضافة للمعرفة نادر وقد جاء ذلك في الشعر كقوله :
وإن دعوت إلى جلى ومكرمة...
يوماً كرام سراة الناس فادعينا
وثانيهما : أن تجرد عن التفضيل فتكون بمعنى حسنة كما قالوا ذلك في :( يوسف أحسن إخوته ) وقرأ الجحدري :﴿ وبالوالدين إحسانا ﴾ على أنه مصدر أحسن الذي همزته للصيرورة كما تقول : أعشبت الأرض إعشاباً أي صارت ذا عشب فهو حينئذٍ نعت لمصدر محذوف أي قولاً ذا حسن.


الصفحة التالية
Icon