: أن يقيم الدلالة على فساد هذه العلة وبيانه من وجهين : الأول : أن الأجزاء الدخانية أرضية فهي أثقل من الأجزاء البخارية المائية، ثم إن البخار لما يبرد ينزل على الخط المستقيم مطراً فالدخان لما برد فلماذا لم ينزل على الخط المستقيم بل ذهب يمنة ويسرة ؟ الثاني : أن حركة تلك الأجزاء إلى أسفل طبيعية وحركتها يمنة ويسرة عرضية والطبيعية أقوى من العرضية، وإذا لم يكن أقوى فلا أقل من المساواة، ثم إن الريح عند حركتها يمنة ويسرة ربما تقوى على قلع الأشجار ورمي الجدار بل الجبال، فتلك الأجزاء الدخانية عندما تحركت حركتها الطبيعية التي لها وهي الحركة إلى السفل وجب أن تهدم السقف، ولكنا نرى الغبار الكثير ينزل من الهواء ويسقط على السقف ولا يحس بنزوله فضلاً عن أن يهدمه فثبت فساد ما ذكروه المقام الثاني : هب أن الأمر كما ذكروه ولكن الأسباب الفاعلية والقابلية لها مخلوقة لله سبحانه وتعالى، فإنه لولا الشمس وتأثيرها في تصعيد الأبخرة والأدخنة ولولا طبقات الهواء، وإلا لما حدثت هذه الأمور، ومعلوم أن من وضع أسباباً فأدته إلى منافع عجيبة وحكم بالغة فذلك الواضع هو الذي فعل تلك المنافع، فعلى جميع الأحوال لا بد من شهادة هذه الأمور على مدبر حكيم واجب لذاته، قطعاً لسلسلة الحاجات.
﴿ أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾
النوع الخامس ما يتعلق بالحشر والنشر


الصفحة التالية
Icon