الثاني : أنه قد ثبت بالدلائل العقلية أن عذاب الحجاب أشد من عذاب النار، ولذلك قال :﴿كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ الجحيم﴾ [ المطففين : ١٥، ١٦ ] فقدم الحجاب على الجحيم، ثم إنهم كانوا محجوبين في الحال، فكان سبب العذاب بكماله حاصلاً، إلا أن الاشتغال بالدنيا ولذاتها كالعائق عن إدراك ذلك الألم، كما أن العضو الخدر إذا مسته النار، فإن سبب الألم حاصل في الحال، لكنه لا يحصل الشعور بذلك الألم لقيام العائق، فإذا زال العائق عظم البلاء، فكذا ههنا إذا زال البدن عظم عذاب الحجاب، فقوله سبحانه :﴿عسى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الذى تَسْتَعْجِلُونَ﴾ يعني المقتضي له والمؤثر فيه حاصل، وتمامه إنما يحصل بعد الموت. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٤ صـ ١٨٣ ـ ١٨٤﴾


الصفحة التالية
Icon