فإن قيل إذا كانت حكاية لقول الدابة فكيف يقول ( بآياتنا ) ؟ جوابه : أن قولها حكاية لقول الله تعالى، أو على معنى بآيات ربنا، أو لاختصاصها بالله تعالى أضافت آيات الله إلى نفسها، كما يقال بعض خاصة الملك خيلنا وبلادنا، وإنما هي خيل مولاه وبلاده، ومن قرأ بالفتح فعلى حذف الجار، أي تكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون.
وأما قوله :﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلّ أُمَّةٍ فَوْجاً مّمَّن يُكَذّبُ بئاياتنا﴾ فاعلم أن هذا من الأمور الواقعة بعد قيام القيامة، فالفرق بين من الأولى والثانية، أن الأولى للتبعيض، والثانية للتبيين كقوله :﴿مِنَ الأوثان﴾ [ الحج : ٣٠ ].
أما قوله :﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ معناه يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا فيكبكبوا في النار، وهذه عبارة عن كثرة العدد وتباعد أطرافه، كما وصفت جنود سليمان بذلك وقوله :﴿حتى إِذَا جَاءوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بئاياتى﴾ فهذا وإن احتمل معجزات الرسل كما قاله بعضهم، فالمراد كل الآيات فيدخل فيه سائر الكفار الذين كذبوا بآيات الله أجمع أو بشيء منها.
أما قوله :﴿وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً﴾ فالواو للحال كأنه قال أكذبتم بها، بادي الرأي من غير فكر ولا نظر يؤدي إلى إحاطة العلم بكنهها.