وقول سادس : قالت حفصة بنت سيرين سألت أبا العالية عن قول الله تعالى :﴿ وَإِذَا وَقَعَ القول عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ الأرض تُكَلِّمُهُمْ ﴾ فقال : أوحى الله إلى نوح :﴿ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ [ هود : ٣٦ ] وكأنما كان على وجهي غطاء فكشف.
قال النحاس : وهذا من حسن الجواب ؛ لأن الناس ممتحَنون ومؤخَّرون لأن فيهم مؤمنين وصالحين، ومن قد علم الله عز وجل أنه سيؤمن ويتوب ؛ فلهذا أمهلوا وأمرنا بأخذ الجزية، فإذا زال هذا وجب القول عليهم، فصاروا كقوم نوح حِين قال الله تعالى :﴿ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ [ هود : ٣٦ ].
قلت : وجميع الأقوال عند التأمل ترجع إلى معنى واحد.
والدليل عليه آخر الآية ﴿ إِنَّ الناس كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ ﴾ وقرىء :﴿ أَنّ ﴾ بفتح الهمزة وسيأتي.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ :" ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانُها ( لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ) طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابّةُ الأرض "
وقد مضى.
واختلف في تعيين هذه الدابة وصفتها ومن أين تخرج اختلافاً كثيراً ؛ قد ذكرناه في كتاب "التذكرة" ونذكره هنا إن شاء الله تعالى مستوفى.


الصفحة التالية
Icon