﴿ حتى إِذَا جَاءوا ﴾ إلى موقفِ السُّؤالِ والجَوَاب والمُناقشةِ والحسابِ ﴿ قَالَ ﴾ أي الله عزَّ وجلَّ موبَّخاً لهم على التَّكذيبِ والالتفاتِ لتربيةِ المهابةِ ﴿ أَكَذَّبْتُم بئاياتى ﴾ النَّاطقةِ بلقاءِ يومِكم هذا. وقولُه تعالى ﴿ وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً ﴾ جملةٌ حاليَّةٌ مفيدةٌ لزيادةِ شَنَاعة التَّكذيبِ وغايةِ قُبْحهِ ومؤكدةٌ للإنكارِ والتَّوبيخِ أي أكذَّبتُم بها بادىءَ الرَّأي غيرَ ناظرينَ فيها نظراً يُؤدِّي إلى العلمِ بكُنهِها وأنَّها حقيقةٌ بالتَّصديقِ حَتماً، وهذا نصٌ في أنَّ المرادَ بالآياتِ فيما في الموضعينِ هي الآياتُ القُرآنيةُ لأنَّها هيَ المُنطويةُ على دَلائلِ الصِّحةِ وشواهدِ الصِّدقِ التي لم يُحيطوا بها علماً مع وجُوبِ أنْ يتأمَّلوا ويتدبَّروا فيها لا نفسُ السَّاعة وما فيها. وقيلَ : هو معطوف على كذَّبتم أي أجمعتُم بين التكذيب وعدم التَّدبرِ فيها ﴿ أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي أمْ أيُّ شيءٍ كنتُم تعملون بها وأمُ أيُّ شيءٍ كنتمُ تعملون غيرَ ذلكَ بمعنى أنَّه لم يكُن لهم عملٌ غيرُ ذلكَ كأنَّهم لم يُخلقوا إلا للكفر والمَعَاصي مع أنَّهم ما خُلقوا إلا للإيمانِ والطَّاعةِ يخُاطيون بذلك تبكيتاً ثم يُكبُّون في النَّار.
وذلك قولُه تعالى :﴿ وَوَقَعَ القول عَلَيْهِم ﴾ أي حلَّ بهم العذابُ الذي هو مدلولُ القولِ النَّاطقِ بحلولِه ونزولِه ﴿ بِمَا ظَلَمُواْ ﴾ بسببِ ظُلمِهم الذي هو تكذيبُهم بآياتِ الله ﴿ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ ﴾ لانقطاعِهم عن الجوابِ بالكُلِّية وابتلائِهم بشغلٍ شاغلٍ من العذابِ الأليمِ.
﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا الليل لِيَسْكُنُواْ فِيهِ ﴾