﴿ إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ ﴾ أي يقضي بين بني إسرائيل فيما اختلفوا فيه في الآخرة، فيجازي المحقّ والمبطل.
وقيل : يقضي بينهم في الدنيا فيظهر ما حرّفوه.
﴿ وَهُوَ العزيز ﴾ المنيع الغالب الذي لا يردّ أمره ﴿ العليم ﴾ الذي لا يخفى عليه شيء.
قوله تعالى :﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله ﴾ أي فوّض إليه أمرك واعتمد عليه ؛ فإنه ناصرك.
﴿ إِنَّكَ عَلَى الحق المبين ﴾ أي الظاهر.
وقيل : المظهر لمن تدبر وجه الصواب.
﴿ إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى ﴾ يعني الكفار لتركهم التّدبر ؛ فهم كالموتى لا حسّ لهم ولا عقل.
وقيل : هذا فيمن علم أنه لا يؤمن.
﴿ وَلاَ تُسْمِعُ الصم الدعآء ﴾ يعني الكفار الذين هم بمنزلة الصم عن قبول المواعظ ؛ فإذا دعوا إلى الخير أعرضوا وولّوا كأنهم لا يسمعون ؛ نظيره :﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ﴾ [ البقرة : ١٨ ] كما تقدّم.
وقرأ ابن محيصن وحميد وابن كثير وابن أبي إسحاق وعباس عن أبي عمرو :﴿ وَلاَ يَسْمَعُ ﴾ بفتح الياء والميم ﴿ الصُّمُّ ﴾ رفعاً على الفاعل.
الباقون ﴿ تُسْمِعُ ﴾ مضارع أسمعت ﴿ الصُّمَّ ﴾ نصباً.
مسألة : وقد احتجت عائشة رضي الله عنها في إنكارها أن النبي ﷺ أسمع موتى بدر بهذه الآية ؛ فنظرت في الأمر بقياس عقلي ووقفت مع هذه الآية.
وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال :" ما أنتم بِأَسْمَعَ مِنْهم " قال ابن عطية : فيشبه أن قصة بدر خرق عادة لمحمد ﷺ في أن رّد الله إليهم إدراكاً سمعوا به مقاله ولولا إخبار رسول الله ﷺ بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة، وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين.


الصفحة التالية
Icon