قال القاضي أبو محمد : على أن هذا في وقت ترقب وذلك في وقت أمن إذ هو إطباق جهنم على أهلها، وقرأ جمهور القراء " وكل آتوه " على وزن فاعلوه، وقرأ حمزة وحفص عن عاصم " أتوه " على صيغة الفعل الماضي وهي قراءة ابن مسعود وأهل الكوفة، وقرأ قتادة " أتاه " على الإفراد إتباعاً للفظ " كل " وإلى هذه القراءة أشار الزجاج ولم يذكرها، و" الداخر " المتذلل الخاضع، قال ابن زيد وابن عباس :" الداخر " الصاغر، وقرأ الحسن " دخرين " بغير ألف، وتظاهرت الروايات بأن الاستثناء في هذ الآية إنما أريد به الشهداء لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وهم أهل للفزع لأنهم بشر لكن فضلوا بالأمن من ذلك اليوم.
وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ
هذا وصف حال الأشياء يوم القيامة عقب النفخ في الصور، و" الرؤية " هي بالعين وهذه الحال ل ﴿ الجبال ﴾ هي في أول الأمر تسير وتموج وأمر الله تعالى ينسفها ويفتها خلال ذلك فتصير كالعهن، ثم تصير في آخر الأمد هباء منبثاً، و" الجمود "، التضام والتلزز في الجوهر، قال ابن عباس ﴿ جامدة ﴾ قائمة، ونظيره قول الشاعر [ النابغة ] :[ الطويل ]
بأرعن مثل الطود تحسب أنهم... وقوف لحاج والركاب تهملج


الصفحة التالية
Icon