ومحلُّهُ نصب بفعل آخر، أَى يعلم مَن جاءَ بالهدى.
ولم يقتض تغييراً، كما قلنا فى الأَنعام ؛ لأَنَّ دلالة الأَول قام مقام التغيير.
وخصّ الثانى ؛ لأَنه فرع.
قوله :﴿لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى اله مُوسَى﴾ وفى المؤْمن ﴿لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ﴾، لأَن قوله ﴿أَطَّلِعُ إِلَى اله مُوسَى﴾ فى هذه السّورة خبر لعلَّ، وفى المؤْمن عطف على خبر ﴿أَبْلُغُ الأَسْبَابَ﴾ وجعل قوله ﴿أَبْلُغُ الأَسْبَابَ﴾ خبر لعلَّ، ثم أَبدل منه ﴿أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾ وانما زاد ليقع فى مقابلة قوله ﴿أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الفَسَادَ﴾، لأَنه زعم أَنَّه إِله الأَرض، فقال :﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ
إله غَيْرِي﴾
أَى فى الأَرض ؛ أَلا ترى أَنَّه قال :﴿فَأَطَّلِعَ إِلَى اله مُوسَى﴾ فجاءَ فى كلِّ سورة على ما اقتضاه ما قبله.
قوله :﴿وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ وفى المؤْمن ﴿كَاذِبًا﴾ لأَن التقدير فى هذه السورة : وإنى لأَظنه كاذبا من الكاذبين، فزيد ﴿مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ لرءُوس الآى، ثم أَضمر (كاذباً) ؛ لدلالة (الكاذبين) عليه.
وفى المؤْمن جاءَ على الأَصل، ولم يكن فيه موجب تغيير.
قوله :﴿وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ﴾ بالواو، وفى الشورى ﴿فَمَآ أُوتِيتُم مِّن﴾ بالفاءِ ؛ لأَنه لم يتعلق فى هذه السّورة بما قبله أَشدّ تعلَّق، فاقتُصر على الواو ؛ لعطف جملة على جملة، وتعلَّق فى الشُّورى بما قبلها أَشدّ تعلق ؛ لأَنَّه عقَّب ما لهم من المخافة بما أُوتوه من الأَمَنة، والفاء حرف التّعقيب.
قوله :﴿وَزِيْنَتُهَا﴾، وفى الشُّورى ﴿فَمَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَّا﴾ فحسب ؛ لأَنَّ فى هذه السُّورة ذكر جميع ما بسط من الرزق، وأَعراض الدّنيا، كلِّها مستوعبة بهذين اللفظين.
فالمتاع : ما لا غِنى عنه فى الحياة : من المأَكول، والمشروب، والملبوس، والمسكن، والمنكوح.
والزينة : ماي يتجمَّل به الإِنسانُ، والأَطعمة الملبَّقة.


الصفحة التالية
Icon