وهذه الآيات المدنيات الأربع الأول من هذه السورة ذكرت بمناسبة ذكر أهل الكتاب بالآيات المتقدمة، قال تعالى "الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ" التوراة والإنجيل لأن أل فيه للجنس فيشمل الواحد والمتعدد "مِنْ قَبْلِهِ" قبل محمد وكتابه "هُمْ بِهِ" بمحمد "يُؤْمِنُونَ" ٥٢ لوجود نعمته في كتبهم "وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ" القرآن المنزل عليه "قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ" قبل نزوله "مُسْلِمِينَ" ٥٣ للّه مؤمنين به منقادين لأحكام كتبه ومن جملتها الإيمان بمحمد وكتابه "أُولئِكَ" القائلون هذا القول
"يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ" يوم القيامة من ربهم "مَرَّتَيْنِ" لإيمانهم برسولهم وكتابهم الأولين، لأن اليهود آمنوا بموسى والتوراة، والنصارى آمنوا بعيسى والإنجيل، ثم أنهما آمنوا الآن بمحمد والقرآن، أي الرسول الثاني والكتاب الثاني بالنسبة لكل منهما، ولذلك اعطى كل منهما أجرين، ولا يضر اليهود عدم إيمانهم بعيسى بعد أن آمنوا بمحمد، لأن الإيمان به يجب ما قبله من الكفر كله أي يقطعه ويمحو أثره كما أن الكفر يمحق ما بعده، إذ لا يقبل اللّه عملا مع الكفر على شرط أن يصدقوا برسالة عيسى، لأن انكار نبوة واحد من الأنبياء كفر لا ينفع معه عمل من أعمال الخير، ومثل هذا لا ينفعه الإيمان بمحمد وكتابه حتى يذعن ويقر بعيسى وكتابه ويؤمن بهما.


الصفحة التالية
Icon