وردت أخبار وأحاديث بإسلامه عند الموت عن ابن عباس وغيره، وأخبار أخرى بأن اللّه تعالى أحيا لحضرة الرسول أبويه وعمه أبا طالب وآمنوا به، وان أقوال أبي طالب هذه تدل صراحة على تصديقه لحضرة الرسول وإيمانه به، أما أبواه فهما من أهل الفترة لأن أباه توفي قبل ولادته بشهرين، وأمه بعدها بست سنين، فلم يحضرا البعثة وكل من لم يحضرها فهو من أهل الفترة، وأهل الفترة كلهم ناجون راجع الآية ٤٦ المارة وما ترشدك إليه من الآيات، ولبحثها صلة واسعة في الآية ١٥ من الإسراء الآتية، ولهذا فالاحسن أن يميل العاقل إلى إسلامه وإسلام أبوي النبي صلّى اللّه عليه وسلم، لأن القول بخلافه يؤذي أهل البيت، وربما يؤذى حضرة الرسول في قبره الشريف، وما على اللّه بعزيز أن يحييهم حتى يؤمنوا به وصدق من قال : ولاجل عين ألف عين تكرم.
وقدمنا ما يتعلق في هذا آخر الشعراء المارة في الآية ٢١٤
هذا، واعلم بأنّ وفاته محققة بالتاريخ المذكور أعلاء، وإذا كان كذلك وهو كذلك فإن هذه الآية لم تنزل بحقه، لان بين نزولها وموته مدة كثيرة، ويوشك أن حضرة الرسول قرأها عند وفاته لانطباق معناها على ما في قلبه الشريف من محبة هدايته وتكرار أمره له بالإيمان بربه، وجوابه له بنحو ما ذكر يستدعي تلاوة هذه الآية، على أن جمهور المفسرين قالوا بنزولها في أبي طالب، وهذا لا يتجه إلا أن تكون هذه الآية مؤخرة في النزول عن سورتها أو أنه قرأها في حياته بحضوره، وعلى هذا تكون نازلة بحقه، إلا أن أحدا لم يقل به، هذا واللّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon