الأخبار واشتبهت عليهم الأعذار ووقعوا في حيرة "يَوْمَئِذٍ" يوم يلقى عليهم هذا السؤال "فَهُمْ" كلهم مشغولون بأنفسهم "لا يَتَساءَلُونَ" ٦٦ بعضهم مع بعض عما وقع منهم بالدنيا، بل يسكتون يعلوهم الذل والوجل رجاء أن تكون لهم حجة أو عذر عند اللّه يلقى في قلوبهم صورته، لأن ذلك الموقف يذمل فيه كل الخلق ومنهم الأنبياء لشدة هوله، فيفوضون فيه الجواب عما يسألون عنه إلى علام الغيوب مع نزاهتهم عن غائلة السؤال عنه، فما ظنك بأولئك الضلال ؟ وقرىء فعميّت بالتشديد، قال تعالى "فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً" في دنياه "فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ" ٦٧ في الدار الآخرة، وعي هنا للتحقيق أي وجب أن يكونوا من الناجحين السعداء بفضل اللّه وحسن أعمالهم وأما من كان على العكس فوجب أن يكونوا من الخاسرين المعذبين بعدل اللّه وسوء أعمالهم "وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ" من الأعيان والاعراض، والوقف على يختار لا على يشاء وهو معطوف على يخلق، فلا يخلق شيئا بلا اختيار، وهو أعلم بوجود الحكمة فيما يختاره، وهؤلاء المخلوقون كلهم "ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ" التّخير في شيء من أمرهم، كالطيرة بمعنى النظير، بل للّه الخيرة عليهم (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).
مطلب نفي الاختيار عن العبد :


الصفحة التالية
Icon