قال تعالى (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) الآية ٣٦ من المرسلات المارة، ولا عذر لهم بعد تحقق توغلهم بالجرمية، فهم معروفون بأعمالهم، قال تعالى (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) الآية ٤١ من سورة الرحمن في ج ٣ أي بعلائهم فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم ويطرحون في النار، لأن جوارحهم تنطق بما عملوه في الدنيا قال تعالى "فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ" يوم عيده مزينا باللباس الباهر متحليا بأنواع الأوسمة المرصعة بالجواهر راكبا على بغلة موشىّ سرّجها بالذهب والدر، وعن يمينه وشماله وخلفه سبعون الفا من الخدم والجواري، وكلهم مزيّن بأنواع الحلي ومرتد أحسن الثياب، لا يرى الرائي أحسن منهم في زمنهم، فلما رأى الناس موكبهم الفخم انقسموا قسمين، بين للّه الأخس منهما يقوله حكاية عنهم "قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا" قبل كانوا مسلمين، ولكن قالوا ما قالوا على سبيل الرغبة في اليسار كعادة البشر "يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ" من زخارف الدنيا وبهجتها "إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" ٧٩ فيها إذ أوتي مما لم يؤت أحد مثله لما بهر عقولهم من عظمة ما رأوا من أمارات العز، ثم بيّن اللّه تعالى الأحسن منهما بما حكى عن حالهم بقوله جل قوله "وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ" بما وعد اللّه المتقين في الآخرة لأولئك المتمنين "وَيْلَكُمْ" بما قلتم وتمنيتم، وهذه كلمة دعاء بالهلاك ثم استعملت للردع والزجر عن ترك غير المرضي، وهو منصوب محلا أي ألزمكم اللّه الهلاك، ان هذا الذي ترونه عند قارون ليس بشيء محمود عاقبته، وهو فان ولكن "ثَوابُ اللَّهِ" الدائم في الآخرة "خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً"
في


الصفحة التالية
Icon