فتسابق لها الحراس وسألوها، فأنكرت عليهم، ثم تسارعوا إلى الباب ليروا هل فيه امرأة والدة، فرأتهم أخته وقالت لأمها ها هم أولاء الحراس بالباب، فارتبكت ولفته بخرقة وطرحته في التنور، ومن دهشتها نسيت أن فيه نارا، فدخل الحراس وتحرّوا فلم يجدوا شيئا، ورأوا التنور يلتهب نارا، فقالوا ماذا أدخل عليك القابلة وأنت غير حبلى ؟ قالت إنها صاحبة لي وتزورني أحيانا، ولما خرجوا بادرت إلى التنور فوجدته يلعب ولم يصبه شيء، فأخرجته، وهذا أول دواعي الحفظ الإلهي، إذ أن القبطية كتمت أمره والنار انقلبت عليه بردا وسلاما، وصارت ترضعه سرا وهي خائفة وجلة من شرطة فرعون الذين يباشرون التحري صباح مساء، فألقى اللّه في قلبها أن تفعل بما ألهمت، فاصطنعت تابوتا عند نجار قريب منها ووضعته فيه وألقته في نهر النيل، فهمّ النّجار أن يخبر به الشرطة فأمسك اللّه لسانه، فجعل يشير إليهم بيده فلم يفهموا، فأوجعوه ضربا ليخبرهم بما يريد وأراد أن يفهمهم بالإشارة فأعماه اللّه، فأشبعوه ضربا ثم تركوه في الأرض، ولم يعلموا أن لسانه أمسك وبصره عمي، فبقي حيران في نفسه، فقال في قلبه إن رد اللّه علي بصري ولساني لأسعين على حفظه أينما كان ولأكونن في خدمته، ولأكتمن أمره، فرد اللّه عليه بصره ولسانه لعلمه بصدق نيته، فقال يا رب دلني عليه، فألقى في قلبه أنه في بيت فرعون، فذهب إليه وآمن به وصدقه بمجرد رؤيته له، لما تفرس فيه من الخير، وألقى في قلبه مودته ونصرته، وهذا هو مؤمن آل فرعون.
وقيل إنه ابن عمه الآتي ذكره في الآية ٢٧ من سورة المؤمن في ج ٢ وفي الآية ١٩ من هذه السورة.
قالوا وكان عند فرعون بنت هي أكرم الناس عليه يقضي لأجلها


الصفحة التالية
Icon