وفرغاً من قولهم : دماؤهم بينهم فرغ أي هدر يعني بطل قلبها من شدة ما ورد عليها.
أما قوله :﴿إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ﴾ فاعلم أن على قول من فسر الفراغ بالفراغ من الحزن، قد ذكرنا تفسير قوله :﴿إِن كَادَتْ لَتُبْدِى﴾ وأما على قول من فسر الفراغ بحصول الخوف فذكروا وجوهاً : أحدها : قال ابن عباس كادت تخبر بأن الذي وجدتموه ابني، وقال في رواية عكرمة كادت تقول واإبناه من شدة وجدها به وذلك حين رأت الموج يرفع ويضع، وقال الكلبي ذلك حين سمعت الناس يقولون إنه ابن فرعون وقال السدي لما أخذ ابنها كادت تقول هو ابني فعصمها الله تعالى، ثم قال :﴿لَوْلا أَن رَّبَطْنَا على قَلْبِهَا﴾ بإلهام الصبر كما يربط على الشيء المتفلت ليستقر ويطمئن ﴿لِتَكُونَ مِنَ المؤمنين﴾ من المصدقين بوعد الله وهو قوله :
﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾ [ القصص : ٧ ].
أما قوله :﴿وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصّيهِ﴾ أي اتبعي أثره وانظري إلى أين وقع وإلى من صار وكانت أخته لأبيه وأمه واسمها مريم ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما أبصرته، قال المبرد : أبصرته وبصرت به بمعنى واحد وقوله :﴿عَن جُنُبٍ﴾ أي عن بعد وقرىء عن جانب وعن جنب والجنب الجانب أي نظرت نظرة مزورة متجانبة ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ بحالها وغرضها.
وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (١٢)