أي هدراً تالفاً لا يتبع، وقرأ الخليل بن أحمد " فُرُغاً " بضم الفاء والراء. وقوله تعالى :﴿ إن كادت لتبدي به ﴾ أي أمر ابنها، وروي أن رسول الله ﷺ قال :" كادت أم موسى أن تقول واإبناه وتخرج صائحة على وجهها " و" الربط على القلب " تأنيسه وتقويته، ومنه قولهم للشجاع والصابر في المضايق : رابط الجأش، قال قتادة : وربط على قلبها بالإيمان، وقوله ﴿ لتكون من المؤمنين ﴾ أي من المصدقين بوعد الله وما أوحى إليها به، ثم قالت لأخت موسى طمعاً منها وطلباً، ﴿ قصيه ﴾، والقص طلب الأثر، فيروى أن أخته خرجت في سكك المدينة تبحث مختفية بذلك فرأته عند قوم من حاشية امرأة فرعون يطلبون به امرأة ترضعه حين لم يقبل المراضع، و﴿ عن جنب ﴾ أي عن ناحية من غير قصد ولا قرب يشعر لها به، يقال فيه جنب وجناب وجنابة ومن جناب قول الشاعر :[ الطويل ]
لقد ذكرتني عن جناب حمامة... بعسفان أهلي فالفؤاد حزين
ومن جنابة قول الأعشى :[ الطويل ]
أتيت حريثاً زائراً عن جنابة... فكان حريث عن عطائيَ جامدا
قال الفقيه الإمام القاضي : وكأن معنى هذه الألفاظ عن مكان جنب أي عن بعد ومعنى الآية عن بعد لم تدن منه فيشعر لها، وأنشد أبو عبيدة لعلقمة بن عبدة :[ الطويل ]
فلا تحرمنّي نائلاً عن جنابة... فإني امرؤ وسط القباب غريب
وقرأ قتادة " عن جَنْب " بفتح الجيم وسكون النون وهي قراءة الحسن والإعرج، وقرأ " عن جانب " النعمان بن سالم، وقرأ الجمهور " عن جُنُب " بضم الجيم والنون، وقوله ﴿ وهم لا يشعرون ﴾، معناه أنها أخته وأنها من جملة لطائف الله تعالى له ولأمه حسب الوعد الذي أوحي إليها، ويقال : بصرت الشيء وأبصرته بمعنى واحد متقارب، قال المهدوي : وقيل ﴿ عن جنب ﴾ معناه عن شوق وهي لغة لجذام يقولون جنبت إلى لقائك أي اشتقت إليه، وقال قتادة : معنى ﴿ عن جنب ﴾ أنها تنظر إليه كأنها لا تريده.


الصفحة التالية