إنّي امرؤٌ صَرْعِي عليكِ حَرَامُ
أي ممتنع.
فلما رأت أخته ذلك قالت :﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ على أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ﴾ الآية.
فقالوا لها عند قولها :﴿ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾ وما يدريك؟ لعلكِ تعرفين أهله؟ فقالت : لا ؛ ولكنهم يحرصون على مَسرّة الملك، ويرغبون في ظِئْره.
وقال السّدي وابن جُرَيج : قيل لها لما قالت :﴿ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾ قد عرفتِ أهل هذا الصبي فدلّينا عليهم ؛ فقالت : أردت وهم للملك ناصحون.
فدلتهم على أم موسى، فانطلقت إليها بأمرهم فجاءت بها، والصبيّ على يد فرعون يعلّله شفقة عليه، وهو يبكي يطلب الرضاع، فدفعه إليها ؛ فلما وجد الصبيّ ريح أمه قبل ثديها.
وقال ابن زيد : استرابوها حين قالت ذلك فقالت : وهم للملك ناصحون.
وقيل : إنها لما قالت :﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْل بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ﴾ وكانوا يبالغون في طلب مرضعة يقبل ثديها فقالوا : من هي؟ فقالت أمي ؛ فقيل : لها لبن؟ قالت : نعم! لبن هارون وكان ولد في سنة لا يقتل فيها الصبيان فقالوا صدقت والله.
﴿ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾ أي فيهم شفقة ونصح ؛ فروي أنه قيل لأم موسى حين ارتضع منها : كيف ارتضع منك ولم يرتضع من غيرك؟ فقالت : إني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن، لا أكاد أوتى بصبيّ إلا ارتضع مني.
قال أبو عِمران الجوني : وكان فرعون يعطي أمّ موسى كل يوم ديناراً.
قال الزمخشري : فإن قلت كيف حلّ لها أن تأخذ الأجر على إرضاع ولدها؟ قلت : ما كانت تأخذه على أنه أجر على الرضاع، ولكنه مال حربيّ تأخذه على وجه الاستباحة.
قوله تعالى :﴿ فَرَدَدْنَاهُ إلى أُمِّهِ ﴾ أي رددناه وقد عطَف الله قلب العدوّ عليه، ووفينا لها بالوعد.
﴿ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا ﴾ أي بولدها.
﴿ وَلاَ تَحْزَنَ ﴾ أي بفراق ولدها.
﴿ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ ﴾ أي لتعلم وقوعه فإنها كانت عالمة بأن رده إليها سيكون.