﴿ وَقَالَتْ لاخْتِهِ ﴾ مريمَ والتَّعبيرُ عنها بأخوَّتِه عليه الصَّلاة والسَّلام دونَ أنْ يقال لبنتِها للتَّصريحِ بمدار المحبَّةِ الموجبةِ للامتثالِ بالأمرِ ﴿ قُصّيهِ ﴾ أي اتبعِي أثرَه وتتبَّعي خبرَه ﴿ فَبَصُرَتْ بِهِ ﴾ أي أبصرتْهُ ﴿ عَن جُنُبٍ ﴾ عن بُعدٍ. وقُرىء بسكونِ النُّونِ، وعن جانبٍ. والكلُّ بمعنى ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ أنَّها تقُصُّه وتتعرفُ حالَه وأنَّها أختُه ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المراضع ﴾ أي منعناه أنْ يرتضعَ من المرضعاتِ. والمَرَاضعُ جمعُ مرضعٍ وهي المرأةُ التي تُرضع أو مُرضع وهو الرَّضاعُ أو موضعُه أعني الثَّديَ ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ أي من قبلِ قصِّها أثرَه ﴿ فَقَالَتْ ﴾ عند رؤيتِها لعدمِ قَبُولِه الثَّديَ واعتناءَ فرعونَ بأمرِه وطلبَهم من يقبلُ ثديَها ﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ على أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ﴾ أي لأجلِكم ﴿ وَهُمْ لَهُ ناصحون ﴾ لا يُقصِّرون في إرضاعِه وتربيتِه. رُوي أنَّ هامان لمَّا سمعَه منها قال : إنَّها لتعرفُه وأهلَه فخذُوها حتَّى تخبرَ بحالِه فقالتْ : إنَّما أردتُ وهم للملكِ ناصحُون فأمرَها فرعونُ بأنْ تأتيَ بمَن يكفلُه فأتتْ بأمِّه ومُوسى على يدِ فرعونَ يبكِي وهو يُعلله فدفعَه إليها فلمَّا وجدَ ريحَها استأنسَ والتقمَ ثديها فقالَ : مَن أنتِ منه فقد أبَى كلَّ ثديٍ إلا ثديكِ فقالتْ : إنِّي امرأةٌ طيبةُ الريح طيبة اللبنِ لا أُوتى بصبيَ إلا قبِلني فقرَّره في يدِها وأجرى عليها فرجعتْ إلى بيتِها من يومِها وذلكَ قولُه تعالى :