أما قوله تعالى :﴿نتلو عَلَيْكَ﴾ أي على لسان جبريل عليه السلام لأنه كان يتلو على محمد حتى يحفظه، وقوله :﴿مِن نَّبَإِ موسى وَفِرْعَوْنَ﴾ فهو مفعول ﴿نتلو عَلَيْكَ﴾ أي نتلو عليك بعض خبرهما بالحق محقين، كقوله :﴿تَنبُتُ بالدهن﴾ [ المؤمنون : ٢٠ ] وقوله :﴿لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ فيه وجهان : أحدهما : أنه تعالى قد أراد بذلك من لا يؤمن أيضاً لكنه خص المؤمنين بالذكر لأنهم قبلوا وانتفعوا فهو كقوله :﴿هُدًى لّلْمُتَّقِينَ﴾ [ البقرة : ٢ ]، والثاني : يحتمل أنه تعالى علم أن الصلاح في تلاوته هو إيمانهم وتكون إرادته لمن لا يؤمن كالتبع، قوله تعالى :﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الأرض﴾ قرىء فرعون بضم الفاء وكسرها، والكسر أحسن وهو كالقسطاس والقسطاس ﴿عَلاَ﴾ استكبر وتجبر وتعظم وبغى، والمراد به قوة الملك والعلو في الأرض يعني أرض مملكته، ثم فصل الله تعالى بعض ذلك بقوله :﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً﴾ أي فرقاً يشيعونه على ما يريد ويطيعونه لا يملك أحد منهم مخالفته أو يشيع بعضهم بعضاً في استخدامه أو أصنافاً في استخدامه أو فرقاً مختلفة قد أغرى بينهم العداوة ليكونوا له أطوع أو المراد ما فسره بقوله :﴿يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ﴾ أي يستخدمهم ﴿ويذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم﴾ فهذا هو المراد بالشيع.
قوله :﴿يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ﴾ تلك الطائفة بنو إسرائيل، وفي سبب ذبح الأبناء وجوه : أحدها : أن كاهناً قال له يولد مولود في بني إسرائيل في ليلة كذا يذهب ملكك على يده، فولد تلك الليلة اثنا عشر غلاماً فقتلهم، وعند أكثر المفسرين بقي هذا العذاب في بني إسرائيل سنين كثيرة، قال وهب قتل القبط في طلب موسى عليه السلام تسعين ألفاً من بني إسرائيل.