فعند ذلك سقى لهما قبل صدر الرعاء، وعادتا إلى أبيهما قبل الوقت المعتاد.
قرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم بفتح الياء وضم الدال، وقرأ الباقون بضم الياء، وكسر الدال فالمعنى في القراءة الأولى حتى ينصرفوا عن الماء ويرجعوا عن سقيهم وصدر ضد ورد، ومن قرأ بضم الياء فالمعنى في القراءة حتى يصدر القوم مواشيهم.
أما قوله :﴿فسقى لَهُمَا﴾ أي سقى غنمهما لأجلهما، وفي كيفية السقي أقوال : أحدها : أنه عليه السلام سأل القوم أن يسمحوا فسمحوا وثانيهما : قال قوم عمد إلى بئر على رأسه صخرة لا يقلها إلا عشرة، وقيل أربعون، وقيل مائة فنحاها بنفسه واستقى الماء من ذلك البئر وثالثها : أن القوم لما زاحمهم موسى عليه السلام تعمدوا إلقاء ذلك الحجر على رأس البئر فهو عليه السلام رمى ذلك الحجر وسقى لهما وليس بيان ذلك في القرآن، والله أعلم بالصحيح منه، لكن المرأة وصفت موسى عليه السلام بالقوة فدل ذلك على أنها شاهدت منه ما يدل على فضل قوته، وقال تعالى :﴿ثُمَّ تولى إِلَى الظل﴾ وفيه دلالة على أنه سقى لهما في شمس وحر، وفيه دلالة أيضاً على كمال قوة موسى عليه السلام، قال الكلبي : أتى موسى أهل الماء فسألهم دلواً من ماء، فقالوا له إن شئت ائت الدلو فاستق لهما قال نعم، وكان يجتمع على الدلو أربعون رجلاً حتى يخرجوه من البئر فأخذ موسى عليه السلام الدلو فاستقى به وحده وصب في الحوض ودعا بالبركة ثم قرب غنمهما فشربت حتى رويت ثم سرحهما مع غنمهما.


الصفحة التالية
Icon