وقال ابن العربى :
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ﴾.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ :﴿ فَاسْتَغَاثَهُ ﴾ طَلَبَ غَوْثَهُ وَنُصْرَتَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْآيَةِ بَعْدَهَا :﴿ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ﴾ وَإِنَّمَا أَغَاثَهُ ؛ لِأَنَّ نَصْرَ الْمَظْلُومِ دَيْنٌ فِي الْمِلَلِ كُلِّهَا، وَفَرْضٌ فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ :﴿ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ نَصْرُ الْمَظْلُومِ ﴾.
وَفِيهِ أَيْضًا : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ﴾.
فَنَصْرُهُ ظَالِمًا كَفُّهُ عَنْ الظُّلْمِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ :﴿ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ﴾ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ ؛ وَإِنَّمَا دَفْعَهُ فَكَانَتْ فِيهِ نَفْسُهُ، وَذَلِكَ قَتْلُ خَطَأٍ، وَلَكِنَّهُ فِي وَقْتٍ لَا يُؤْمَرُ فِيهِ بِقَتْلٍ وَلَا قِتَالٍ، فَلِذَلِكَ عَدَّهُ ذَنْبًا.
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْمُشْكَلِينَ فِي بَابِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُ. أ هـ ﴿أحكام القرآن لابن العربى حـ ٣ صـ ﴾