وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ واستوى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ﴾
قد مضى الكلام في الأشد في "الأنعام".
وقول ربيعة ومالك أنه الحُلُم أولى ما قيل فيه ؛ لقوله تعالى :﴿ حتى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ ﴾ [ النساء : ٦ ] فإن ذلك أوّل الأشد، وأقصاه أربع وثلاثون سنة ؛ وهو قول سفيان الثوري.
و﴿ اسْتَوَى ﴾ قال ابن عباس : بلغ أربعين سنة.
والحكم : الحكمة قبل النبوّة.
وقيل : الفقه في الدين.
وقد مضى بيانها في "البقرة" وغيرها.
والعلم الفهم في قول السدي.
وقيل : النبوّة.
وقال مجاهد : الفقه.
محمد ابن إسحاق : أي العلم بما في دينه ودين آبائه ؛ وكان له تسعة من بني إسرائيل يسمعون منه، ويقتدون به، ويجتمعون إليه، وكان هذا قبل النبّوة.
﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين ﴾ أي كما جزينا أم موسى لما استسلمت لأمر الله، وألقت ولدها في البحر، وصدّقت بوعد الله ؛ فرددنا ولدها إليها بالتحف والطرف وهي آمنة، ثم وهبنا له العقل والحكمة والنبوّة ؛ وكذلك نجزي كل محسن.
قوله تعالى :﴿ وَدَخَلَ المدينة على حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا ﴾
قيل : لما عرف موسى عليه السلام ما هو عليه من الحق في دينه، عاب ما عليه قوم فرعون ؛ وفشا ذلك منه فأخافوه فخافهم، فكان لا يدخل مدينة فرعون إلا خائفاً مستخفياً.
وقال السدي : كان موسى في وقت هذه القصة على رسم التعلق بفرعون، وكان يركب مراكبه، حتى كان يدعى موسى ابن فرعون ؛ فركب فرعون يوماً وسار إلى مدينة من مدائن مصر يقال لها منف قال مقاتل على رأس فرسخين من مصر ثم علم موسى بركوب فرعون، فركب بعده ولحق بتلك القرية في وقت القائلة، وهو وقت الغفلة ؛ قاله ابن عباس.
وقال أيضاً : هو بين العشاء والعَتَمة.


الصفحة التالية
Icon