ولما كان في سياق التعظيم للنعمة، كرر حرف السبب تأكيداً للكلام، وتعريفاً أن المقرون به مسبب عن الإنعام، وقرنه بأداة النفي الدالة على التأكيد فقال :﴿فلن أكون ظهيراً﴾ أي عشيراً أو خليطاً أو معيناً ﴿للمجرمين﴾ أي القاطعين لما أمر الله به أن يوصل، أي لا أكون بين ظهراني القبط، فإن فسادهم كثير، وظلمهم لعبادك أبناء أوليائك متواصل وكبير، لا قدرة لي على ترك نصرتهم، وذلك يجر إلى أمثال هذه الفعلة، فلا أصلح من المهاجرة لهم، وهذا من قول العرب : جاءنا في ظهرته - بالضم وبالكسر وبالتحريك، وظاهرته، أي عشيرته.
ولما ذكر القتل وأتبعه ما هو الأهم من أمره بالنظر إلى الآخرة، ذكر ما تسبب عنه من أحوال الدنيا فقال :﴿فأصبح﴾ أي موسى عليه الصلاة والسلام ﴿في المدينة﴾ أي التي قتل القتيل فيها ﴿خائفاً﴾ أي بسبب قتله له ﴿يترقب﴾ أي لازم الخوف كثير الالتفات برقبته ذعراً من طارقة تطرقه في ذلك، قال البغوي : والترقب : انتظار المكروه.
﴿فإذا﴾ أي ففجئه ﴿الذي استنصره﴾ أي طلب نصرته من شيعته ﴿بالأمس﴾ أي اليوم الذي يلي يوم الاستصراخ من قبله ﴿يستصرخه﴾ أي يطلب ما يزيل ما يصرخ بسببه من الضر من قبطي آخر كان يظلمه، فكأنه قيل : فما قال له موسى بعدما أوقعه فيما يكره؟ فقيل :﴿قال له﴾ أي لهذا المستصرخ ﴿موسى ﴾.


الصفحة التالية
Icon