قرأ جمهور القراء " يبطِش "، وقرأ الحسن وأبو جعفر بضم الطاء وهما لغتان، فقال الإسرائيلي لموسى معنى الآية بلسانه وفر منه فشهر أمر القتيل، والجبابرة شأنهم قتل الناس بغير حق فلذلك جعله الإسرائيلي كذلك ونفى عنه الإصلاح، قال الشعبي : من قتل رجلين فهو جبار، ولما اشتهر أن موسى قتل القتيل وكان قول الإسرائيلي يغلب على النفوس تصديقه على موسى مع ما كان لموسى من المقدمات أتى رأي فرعون وملئه على قتل موسى وذبحه، غلب على نفس فرعون أنه المشار إليه بفساد المملكة فأنفذ فيه من يطلبه من جنده ويأتي به للقتل فخرج على الطريق الأعظم، وأخذ رجل يقال إنه مؤمن آل فرعون ويقال إنه غير في بنيات الطريق قصد إلى موضع موسى فبلغه قولهم له ﴿ إن الملأ ﴾ الآية، و﴿ يسعى ﴾ معناه يسرع في مشيه قال الزجاج وغيره وهو دون الجري، وقال ابن جريج : معناه يعمل وليس بالشد.
قال الفقيه الإمام القاضي : وهذه نزعة مالك رحمه الله في سعي الجمعة والأول عندي أظهر في هذه الآية : و﴿ يأتمرون ﴾ وزنه يفتعلون ويفتعلون يأتي كثيراً بمعنى يتفاعلون، ومنه ازدوج بمعنى تزاوج، وذهل ابن قتيبة إلى أنه بمعنى يأمر بعضهم بعضاً وقال : لو كان ذلك لكان يتأمرون.
قال الفقيه الإمام القاضي : وذهب عنه أن يفتعل بمعنى يتفاعل وفي القرآن ﴿ وأتمروا بينكم بمعروف ﴾ [ الطلاق : ٦ ]، وقد قال النمر بن تولب :[ المتقارب ]
أرى الناس قد أحدثوا شيمة... وفي كل حادثة يؤتمر
وأنشد الطبري :[ الكامل ]
ما تأتمر فينا فأمرك في... يمينك أو شمالك
ومنه قول ربيعة بن جشم :[ المقارب ]
أجار بن كعب كأني خمر... ويعدو على المرء ما يأتمر